الأحد، 22 مايو 2022

رسول الله صلى الله عليه وسلم مع زوجاته وحاله مع أصحابه -موقع الاسلام


رسول الله صلى الله عليه وسلم مع زوجاته -أحمد بن عثمان المزيد
يتحدث هذا الكتاب عن معاملته - صلى الله عليه وسلم - لزوجاته من حيث حكمته وحبه ولطفه وعفوه.

|
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبيَّ بعده، نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فمن المعلوم أن النبيَّ ﷺ‬ تزوج الكثير من النساء لأسباب اجتماعية وتشريعية وسياسية كثيرة لا مجال لذكرها هنا، ولكن هذا الزواج النبوي يتيح لنا معرفة أخلاق النبي ﷺ‬ مع أزواجه، فإن أخلاق الرجل الحقيقية هي التي يتعامل بها مع نسائه وأهل بيته، فكيف كانت أخلاقه ﷺ‬ مع زوجاته؟
كيف كان يعلمهن ويوجههن ويتلطف معهن؟
كيف كان يؤانسهن ويتحبب إليهن؟
كيف كان يواجه أخطاءهن ويتعامل مع غيرتهن؟
سئلت عائشة رضي الله عنها: ما كان النبيُّ ﷺ‬ يصنع في أهله؟ قالت: كان في مهنة أهله – أي يساعدها في أعمالها في البيت – فإذا حضرت الصلاة قام إلى الصلاة. [رواه البخاري].
وقالت: «كان ﷺ‬ بشرًا من البشر، يخصف نعله، ويخيط ثوبه، ويحلب شاته، ويخدم نفسه». [رواه أحمد وصححه الألباني].
هذا هو حال سيد الأولين والآخرين عليه الصلاة والسلام، يعيش عيشة المساكين، ويرحم نساءه فيساعدهن في أعمالهن، ولا يكلفهن ما يعجزن عنه عن عمل، بل كان ﷺ‬ خفيف المؤونة حسن العشرة، واسع الحلم، طلق المحيَّا، راضيًا بالقليل، إذا سأل أهله: هل عندكم من طعام، وقلن: لا.. سكت ولم يعاتب، وربما بات طاويًا دون أن يظهر شيئًا من الاعتراض أو الضجر.
قال ابن كثير «في تفسيره»: «وكان من أخلاقه ﷺ‬ أنه جميل العشرة، دائم البشر، يداعب أهله، ويتلطف بهم، ويوسعهم نفقته، ويضاحك نساءه، حتى إنه كان سابق عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها يتودد إليها بذلك... ويجتمع نساؤه كل ليلة في بيت التي يبيت عندها رسول الله ﷺ‬، فيأكل معهن العشاء في بعض الأحيان، ثم تنصرف كل واحدة إلى منزلها... وكان إذا صلى العشاء يدخل منزله يسمر مع أهله قليلًا قبل أن ينام، يؤانسهم بذلك ﷺ‬، وقد قال الله تعالى: } لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ { [الأحزاب: 21] .
إشاعة البهجة والسرور والسعادة
كان النبي ﷺ‬ حريصًا على إسعاد من حوله وبخاصة أزواجه ﷺ‬ اللاتي نالهن الحظ الأوفر من الجناب النبوي واللطف المحمدي.
تقول عائشة رضي الله عنها: دخل عليَّ أبو بكرٍ وعندي جاريتان تدففان وتضربان، فانتهرهما أبو بكر، فقال النبي ﷺ‬ : «دعهما يا أبا بكر، فإن لكل قوم عيدًا، وإن عيدنا اليوم». [متفق عليه].
وفي لوحة أخرى من لوحات البهجة والسرور التي كان النبي ﷺ‬ يغمر بها أزواجه: ما روته عائشة رضي الله عنها قالت: خرجت مع النبي ﷺ‬ في بعض أسفاره، وأنا جارية لم أحمل اللحم ولم أبدّن. فقال للناس «تقدموا» فتقدموا. ثم قال لي: «تعالي حتى أسابقك» فسبقته. فسكت عني، حتى إذا حملت اللحم وبدنت ونسيت، خرجت معه في بعض أسفاره، فقال للناس: «تقدموا» فتقدموا، ثم قال لي: «تعالى حتى أسابقك» فسابقته فسبقني، فجعل يضحك وهو يقول: «هذه بتلك» [رواه أحمد وأبو داود وصححه الألباني].
وفي موقف جديد من مواقف البهجة والسرور والسعادة في الحياة الزوجية النبوية: ما رواه أنس بن مالك رضي الله عنها أن جارًا لرسول الله ﷺ‬ فارسيًّا كان طيب المرق، فصنع لرسولِ الله ﷺ‬، ثم جاء يدعوه، فقال ﷺ‬: «وهذه» لعائشة. فقال: لا.
فقال رسول الله ﷺ‬: «لا». فعاد يدعوه،
فقال رسول الله ﷺ‬: «وهذه». قال: لا.
فقال رسول الله ﷺ‬: «لا». ثم عاد يدعوه،
فقال رسول الله ﷺ‬: «وهذه». قال: نعم.
فقاما يتدافعان حتى أتيا منزله. [رواه مسلم].
إن هذا الموقف لا يمكن أن تتناساه المرأة، بل يظل مصدرًا لسعادتها كلما تذكرته أو خطر ببالها لما فيه من التقدير، واللطف، والإيناس، وجميل المعاشرة، وحقوق الصحبة.
المودة والرحمة
قال تعالى: } وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ { [الروم: 21].
* وصور المودة والرحمة في عشرة النبي ﷺ‬ لأزواجه كثيرة جدًّا، ومن ذلك أنه ﷺ‬ دخل على صفية وهي تبكي. فقال لها: «ما يبكيك؟» قالت: قالت لي حفصة: إني بنت يهودي. فقال ﷺ‬ لصفية: «إنك لابنة نبيّ، وإن عمك لنبيّ، وإنك لتحت نبي، ففيم تفخر عليك؟» ثم قال ﷺ‬ لحفظة: «اتقي الله يا حفصة». [رواه الترمذي]. أي اتركي هذا الكلام الذي هو من عادات الجاهلية.
فانظر كيف حوّل النبي ﷺ‬ الإهانة إلى تكريم، فكون صفية رضي الله عنها يهودية الأصل ليس مدعاة لاحتقارها، لأنها آمنت بالله ورسوله، وتزوجت من رسول الله ﷺ‬، وأصبحت أمًّا للمؤمنين، ثم إنها تنتمي إلى نبيين من أنبياء بني إسرائيل وهما هارون وموسى عليهما السلام، فذهب بذلك ما كانت تفخر به حفصة عليها.
* ومن صور المودة والرحمة في العشرة الزوجية النبوية ذلك الحوار الجميل بين النبي ﷺ‬ وعائشة، فقد قال لها النبيّ ﷺ‬: «إني لأعرف غضبك ورضاك» قالت: كيف تعرف ذلك يا رسول الله؟ قال: «إنك إن كنت راضيةً قلت: بلى ورب محمد، وإن كنت ساخطة قلت: لا ورب إبراهيم» فقالت: أجل والله يا رسول الله، إني لا أهجر إلا اسمك. [متفق عليه].
فانظر كيف يتجنب النبي ﷺ‬ إلى زوجته، ويتودد إليها، ويخبرها بعلمه التام بأحوالها حتى من طريقتها في الكلام والقسم.
وانظر كيف كان النبي ﷺ‬ يتعامل معها وهي حائض، ومعلوم أن المرأة حال الحيض تكون في حالة من التوتر والتغير النفسي، الذي لابد أن يقابله مزيد من المودة والرحمة والحب واللطف الزائد، قالت رضي الله عنها: كنت أشرب وأنا حائص، ثم أناوله النبي ﷺ‬، فيضع فاه على موضع فيّ فيشرب، وأتعرق العرق ([1]) وأنا حائض، ثم أناوله النبيَّ ﷺ‬ فيضع فاه على موضع فيّ» [رواه مسلم].
أين هذا من الذين لا يطيقون زوجاتهم أثناء الحيض، وكأنها ارتكبت جرمًا تستحق بسببه الطرد والإبعاد!!
* ومن صور المودة والرحمة في العشرة النبوية ما رواه أنس بن مالك قال: «خرجنا إلى المدينة قادمين من خيبر، فرأيت النبي ﷺ‬ يجلس عند بعيره فيضع ركبته، وتضع صفية رجلها على ركبته حتى تركب». [رواه البخاري].
وهذا من أعظم مواقف الرحمة والمودة وتقدير ضعف المرأة ورقتها، حيث يسمح النبي ﷺ‬ لصفية زوجته أن تضع رجلها على ركبته الشريفة حتى تركب بعيرها.
وكانت رضي الله عنها تزوره في معتكفه في العشر الأواخر من رمضان، فيتحدث معها، ثم يقوم معها ويخرج من معتكفه لتوصيلها.
العدل النبوي
إن العدل هو الأساس الذي بنيت عليه الحياة الزوجية في البيت النبوي، وقد كان ﷺ‬ يطبق هذا الأساس تطبيقًا صارمًا، حيث كان يقسم بين أزواجه ما يقدر على قسمته من مبيت ونفقة وحسن عشرة بالقسط التام سفرًا وحضرًا.
· فكان ﷺ‬ يبيت عند كل واحدة ليلة، وينفق على كل واحدة ما في يديه بالسوية.
· وبني لكل واحدة حجرة خاصة هي بيتها.
· وكان إذا سافر أقرع بينهن، وسافر بالتي تخرج لها القرعة. ولما حجّ حجة الوداع وهي حجته الوحيدة، أخذ نساءه كلهن معه، ليتحقق العدل في ذلك أيضًا.
وكان من تمام عدله أنه استمر على ذلك حتى في مرض موته، حيث كان يًدَارُ به على نسائه كل واحدةٍ في نبوتها، حتى شق عليه ذلك، فأنَّ أزواجه أن يمرض في بيت عائشة، فمكث فيه حتى وافاه الأجل بين سحرها ونحرها رضي الله عنها.
وكان ﷺ‬ يعتذر إلى الله تعالى فيما لا يستطيع فيه العدل بين أزواجه وهو الميل القلبي، فكان يقول: «اللهم هذا قسمي فيما أملك، فلا تلمني فيما تملك ولا أملك». [رواه أبو داود والترمذي].
ومن الموقف التي ظهر فيها عدل النبي ﷺ‬ مع أزواجه: ما روته أم سلمه أنها أتت بطعام في صحفة لها إلى رسول الله ﷺ‬ وأصحابه، فجاءت عائشة رضي الله عنها متزرةً بكساء ومعها فِهْرٌ – أي حجر – ففلقت به الصحفة، فجمع النبي ﷺ‬ بين فلقتي الصحفة وقال: «غارت أمكم، غارت أمكم» ثم أخذ صحفة عائشة فبعث بها إلى أمن سلمة، وأعطى صحفة أم سلمة عائشة». [رواه البخاري].
وهذا الموقف تتجلى فيه أخلاق النبوة ،ويظهر من خلاله حسن عشرة النبي ﷺ‬ لأزواجه، فقد تنازل النبي ﷺ‬ عن حقِّه، وقدّر ما جبلت عليه المرأة من الغيرة، وبين ذلك لأصحابه بقوله: «غارت أمكم» ولم يعنقها أو يضربها أو يسبها ولكنه في نفس الوقت قضى بالعدل في هذا الموقف، فبعث صحفة عائشة السليمة إلى أم سلمة، وجعل لعائشة الصحفة المكسورة.
التذكير بالله تعالى
كان النبي ﷺ‬ يذكر أزواجه بالله عز وجل، ويرغبهن في طاعته، ويحذرهن من معصيته والغفلة عنه.
ففي الحديث عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: استيقظ رسول الله ﷺ‬ ليلى فزعًا يقول: «سبحان الله ماذا أنزل الله من الخزائن؟ وماذا أنزل من الفتن؟ من يوقظ صواحب الحجرات – يعني أزواجه حتى يصلين قيام الليل – ربَّ كاسية في الدنيا عارية في الآخرة» . [رواه البخاري].
وكان ﷺ‬ إذا دخل العشر – أي العشر الأواخر من رمضان – شدَّ مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله. [متفق عليه].
وعن زينب بنت جحش أن النبي ﷺ‬ استيقظ من نومه وهو يقول: «لا إله إلا الله، ويل للعرب من شر قد اقترب، فتح اليوم من ردْم يأجوج ومأجوج» فقالت له: يا رسول الله، أنهلك وفينا الصاحون؟ قال: «نعم إذا كثر الخبث».
التربية والتعليم
وكان النبي ﷺ‬ يعلم أزواجه العلم النافع، ويوجههن إلى حسن الاستدلال من كتاب الله تعالى، فقد قال عليه الصلاة والسلام عند حفصة: «لا يدخل النار إن شاء الله من أصحاب الشجرة أحد، الذين بايعوا تحتها» فقالت حفصة: بلى يا رسولا الله. فانتهرها.
فقالت حفصة: } وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا {.
فقال النبي ﷺ‬: «قد قال الله عز وجل: }ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا {» [مريم: 72 ]. [رواه مسلم].
وفي حديث عائشة أنها سألت النبي ﷺ‬ عن السلام على أهل القبور فقالت: كيف أقول لهم يا رسول الله؟ قال: «قولي: السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين، وإن إن شاء الله بكم لاحقون» [رواه مسلم].
الاقتصاد وعدم الغلو
وكان النبي ﷺ‬ يعلم أزواجه الاقتصاد وعدم الغلو في العبادة، فقد دخل يومًا فإذا حبل ممدود بين ساريتين فقال:
«ما هذا الحبل؟» قالوا: هذا حبل لزينب، فإذا فترت تعلقت به. فقال النبي ﷺ‬: «لا، حلّوه، ليصلّ أحدكم نشاطه، فإذا فتر فليقعد». [متفق عليه].
التأديب والحزم
كان النبي ﷺ‬ حازمًا مع أزواجه إذا اقتضى الأمر ذلك مما يدلّ على أن رحمته بهن وحسن عشرته لهن لم تكن ناتجة عن ضعف أو عدم قدرة على التأديب والحزم، بل كانت نتاج حسن خلقه ﷺ‬ الذي قال الله تعالى فيه: } وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ { [القلم: 4].
ومن دلائل حزمه ﷺ‬ أنه اعتزل نساءه جميعًا وهجرهن شهرًا كاملًا، وذلك بعد أن سألنه ما لا يقدر عليه من النفقة، ثم نزلت الآية: } يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا ، وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا { [الأحزاب: 28-29] فأمره الله غز وجل بتخييرهن فبدأ بعائشة فقال لها: «يا عائشة، إني أريد أن أعرض عليك أمرًا لا تعجلي فيه حتى تستشيري أبويك» قالت: وما هو يا ر سول الله؟ فتلا عليها الآية. فقالت: أفيك يا رسول الله أستشير أبوي؟ بل أختار الله ورسوله والدار الآخرة.
الوفاء
تميزت الحياة الزوجية في البيت النبوي بالوفاء والاعتراف بالجميل وذكر المعروف، وإن غضب من غضب، يدل على ذلك وفاء النبي ﷺ‬ لزوجته الأولى خديجة التي لم يتزوج عليها النبي ﷺ‬ حتى ماتت، تلك المرأة التي وقفت بجانب النبي ﷺ‬، وواسته بنفسها ومالها، فكان النبي ﷺ‬ يتذكر تلك المواقف، ويتثنى عليها، حتى أن عائشة رضي الله عنها قالت: ما غرت على امرأةٍ لرسول الله ﷺ‬ ما غرت على خديجة؛ لكثرة ذكر رسول الله ﷺ‬ لها وثنائه عليها. [رواه البخاري].
وكان ﷺ‬ إذا ذبح الشاة يقول: «أرسلوا بها إلى أصدقاء خديجة». قالت عائشة: فأغضبته يومًا فقلت: خديجة! فقال: «إني قد رُزِقت حبها» [متفق عليه].
([1]) أتعرق العرق: آخذ بقايا اللحم التي على العظم بأسناني.
مختصر عقيدة أهل السنة والجماعة [ المفهوم والخصائص ]
الدعوة إلى الله فوائد وشواهد
أغيثوا إخوانكم المسلمين
الموعظة وأثرها
توجيهات إسلامية
================
رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أصحابه ()
أحمد بن عثمان المزيد
يظهر هذا الكتاب نبل وعظمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأدائه لحقوق الصحبة.

|
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبيَّ بعده، نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فإن للصحبة حقوقًا لا يقوم بها إلا القليل من الناس، وإنما ينبلُ الرجل ويعظم؛ لقيامه بحقوق أصحابه، وقد قال النبي ﷺ‬: «خير الأصحاب عند الله خيرهم لصاحبه» [رواه أحمد والترمذي وصححه الألباني].
إن أعظم إنسان قام بحقوق أصحابه على التمام هو رسولُ الله ﷺ‬، فقد كان معهم دائم البشر، سهل الخلق، لين الجانب، ليس بفظٍّ ولا غليظ ولا صخَّابٍ، ولا فحّاش، ولا عياب، ولا مشاح، يتغافل عما لا يشتهي، ولا يذمُّ أحدًا، و يعيره، ولا يعيبه، ولا يطلب عورته، ولا يتكلم إلا فيما رجات ثوابه.
· وكان ﷺ‬ يؤلف بين أصحابه ولا ينفرهم ولا يشدد عليهم، بل يقربهم ويدنيهم ويتفقدهم ويسأل عنهم، ويواسيهم ويؤازرهم ويكرمهم ويتفضل عليهم.
· وكان ﷺ‬ يحترم جلساءه، ويعطي كلَّ واحد منهم نصيبه، فلا يحسب جليسه أن أحدًا أرم عليه منه، ومن سأله حاجةً لم يردّه إلا بها أو بميسور من القول. قد وسع الناس بسطه وخلقه، فصار لهم أبًا، وصاروا عنده في الحق سواء.
قال تعالى: } فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ { [آل عمران: 159].
وقال تعالى: }لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ { [التوبة: 128].
يعلمهم ويربيهم
· كان النبي ﷺ‬ يعلم أصحابه ويربيهم ويحثهم على العلم والتعلم، وكان رحيمًا بهم في تعليمهم، ولذلك قال ﷺ‬: «أنا بمنزلة الوالد أعلمكم». [رواه أحمد وأبو داود وحسنه الألباني].
· وكان ﷺ‬ يزيد في الإجابة عما لم يتطرق إليه السائل في سؤاله، مما يدل على شدة رغبته ﷺ‬ في تعليم أصحابه وإفادتهم، فقد روى أبو هريرة أن رجلًا سأل النبي ﷺ‬ فقال: إنا نركب البحر ونحمل معنا القليل من الماء، فإذا توضأنا به عطشنا، أفنتوضأ بماء البحر؟ فقال رسول الله ﷺ‬: «هو الطهور ماؤه، الحل ميتته». [رواه أحمد وأهل السنن].
ويستشيرهم
وقد أمره ربه تبارك وتعالى بمشاورة أصحابه فقال: } وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ { [آل عمران: 159].
· قال أبو هريرة t: ما رأيت من الناس أحدًا أكثر مشورة لأصحابه من رسول الله ﷺ‬.
· وعن الحسن قال: قد علم الله أن ما به إليهم من حاجة، ولكن أراد أن يستن به من بعده.
· وقال قتادة: أمر الله تعالى نبيه ﷺ‬ أن يشاوره أصحابه رضي الله عنهم في الأمور وهو يأتيه الوحي من السماء؛ لأنه أطيب لأنفس القوم إذا شاور بعضهم بعضًا وأرادوا بذلك وجه الله عزم عليهم على أرشده.
ويرشدهم إلى الكمال
· وكان ﷺ‬ يرشد أصحابه إلى الكمال في كل شيء، قال (مرة) مرشدًا عبد الله بن عمر: «نعم الرجل عبد الله، لو كان يصلي من الليل» قال سالم: فكان عبد الله بعد ذلك لا ينام من الليل إلا قليلًا.
ويمدحهم بما فيهم من خير
وكان ﷺ‬ يثنى على أصحابه ويمدحهم بما فيهم من خصال الخير، فقد قال لأشج عبد القيس: «إن فيك خلَّتين يحبهما الله: الحلم والأناة» قال: يا رسول الله! أنا أتخلق بهما أم الله جبلني عليهما؟ قال: «بل الله جبلك عليهما» قال: الحمد لله الذي جبلني على خلّتين يحبهما الله ورسوله. [رواه أحمد وأبو داود وحسنه الألباني].
وينبههم على بعض النقائص
· وكان ﷺ‬ ينبه أصحابه على ما بهم من نقص؛ ليعالجوه ويتخلصوا منه، قال أبو ذر: إنه كان بيني وبين رجل من إخواني كلام، وكانت أمه أعجميهً، فعيرته بأمه، فشكاني إلى النبي ﷺ‬، فلقيت النبي ﷺ‬ فقال: «يا أبا ذر، إنك امرؤ فيك جاهلية» قلت: يا رسول الله من سبّ الرجال سبوا أباه وأمه. قال: «يا أبا ذر، إنك امرؤ فيك جاهلية، هم إخوانكم، جعلكم الله تحت أيديكم، فأطعموهم مما تأكلون، وألبسوهم مما تلبسون، ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم». [متفق عليه].
· وكان هذا التنبيه من النبي ﷺ‬ مصلحًا لشأن أبي ذر، فكان بعد ذلك يأكل مع خادمه، ويلبسه من لباسه، ولا يكلفه فوق طاقته.
ويخوفهم بالله تبارك وتعالى
* وكان ﷺ‬ يخوف أصحابه بالله، ويحذرهم غضبه وعقابه، فعن أبي مسعود البدري t قال: كنت أضرب غلامًا لي بالسوط، فسمعت صوتًا من خلفي: «اعلم، أبا مسعود»، فلم أفهم الصوت من الغضب. قال: فلما دنا مني إذا هو رسول الله ﷺ‬، فإذا هو يقول: «اعلم، أبا مسعود»، قال: فألقيت السوط من يدي، فقال: «اعلم، يا أبا مسعود، أن الله أقدر عليك منك على هذا الغلام».
فقلت: لا أضرب مملوكًا بعده أبدًا.
وفي رواية: فقلت: يا رسول الله، هو حرُّ لوجه الله.
فقال: «لو لم تفعل للفحتك النار»، أو «لمستك النار» [رواه مسلم].
ويعطيهم ويكرمهم
وكان ﷺ‬ يعطي أصحابه الجزيل ولا يبخل عليهم بما عنده، فعن جبير بن مطعم أنه بينما هو يسير مع رسول الله ﷺ‬ ومعه الناس مقفله ([1]) من حنين فعلقه الناس ([2]) يسألونه حتى اضطروه إلى سمرة([3])، فخطفت رداءه([4])، فوقف النبي ﷺ‬ فقال: «أعطوني ردائي، لو كان لي عدد هذه العضاه ([5]) نعمًا لقسمته بينكم، ثم لا تجدوني بخيلًا ولا كذوبًا، ولا جبانًا». [رواه البخاري].
واشترى رسول الله ﷺ‬ من جابر بن عبد الله جملًا، فأعطاه الثمن، وردَّ عليه الجمل. [صحيح مسلم].
ويزورهم ويعود مرضاهم ويشهد جنائزهم
· عن سهل بن حنيف t قال: كان رسول الله ﷺ‬ يأتي ضعفاء المسلمين ويزورهم ويعود مرضاهم، ويشهد جنائزهم . [رواه أبو يعلي والطبراني].
· وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: كنا جلوسًا مع رسول الله ﷺ‬، حتى إذا جاءه رجل من الأنصار، فسلم عليه، ثم أدبر الأنصاري، فقال رسول الله ﷺ‬: «يا أخا الأنصار، كيف أخي سعد بن عبادة؟» فقال: صالح. فقال رسول الله ﷺ‬: «من يعوده منكم؟» فقام وقمنا معه، ونحن بضعة عشر ما علينا نعال ولا خفاف ولا قلانس ولا قمص، نمشي في تلك السباخ حتى جئنا، فاستأخر قومه من حوله، حتى دنا رسول الله ﷺ‬ وأصحابه الذين معه. [رواه مسلم].
· وعن جابر t عن النبي ﷺ‬ قال: «انطلقوا بنا إلى البصير الذي في بني واقفٍ نعوده، قال: وكان رجلًا أعمى». [رواه ابن الأعرابي وصححه الألباني].
ويبتسم لهم ويمازحهم
· وكان من أخلاق النبي ﷺ‬ مع أصحابه أن يبتسم في وجوههم ويقابلهم بالبشر، ويتبسط معهم في القول، وربما مازحهم، غير أنه ﷺ‬ لا يقول إلا حقاً.
· فعن جرير بن عبد الله t قال: «ما رآني رسول الله ﷺ‬ منذ أسلمت إلا تبسم في وجهي». [رواه البخاري في «الأدب والمفرد»، والنسائي في «الكبرى»، وصححه الألباني].
· وعن أنس بن مالك t أن النبي ﷺ‬ قال له: «يا ذا الأذنين». [رواه أبو داود وصححه الألباني].
يمازحه ﷺ‬ بذلك.
· وعن أبي هريرة t قال: قالوا: يا رسول الله إنك تداعبنا. قال: «إني لا أقول إلا حقًّا». [رواه أحمد والترمذي وصححه الألباني].
ويحفظ قلوبهم
· فعن جابر t قال: كنا مع النبي ﷺ‬، فبعثني في حاجة، فرجعت وهو يصلي على راحلته، ووجهه على غير القبلة، فسلمت عليه فلم يرد عليَّ، فلما انصرف قال: «إنه لم يمنعني أن أردّ عليك إلا أني كنت أصلي» . [ رواه مسلم].
· وعن الصعب بن جثامة t أنه أهدى لرسول الله ﷺ‬ حمارًا وحشيًا وهو بالأبواء أو بودان فرده عليه، فلما رأى ما في وجهه قال: «أما إنا لم نردّه عليك إلا أنا حرم» . [رواه البخاري].
· وعن صفية بنت حيي قالت: كان النبي ﷺ‬ معتكفًا، فأتيته أزوره ليلًا، فحدثته ثم قمت لأنقلب، فقام معي ليقلبني، وكان مسكنها في دار أسماة بن زيد، فمرَّ رجلان من الأنصار، فلما رأيا النبي ﷺ‬ أسرعا، فقال النبي ﷺ‬: «على رسلكما، إنها صفية بنت حُيي» فقالا: سبحان الله يا رسول الله .قال: «إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شرًّا» أو قال: «شيئًا» [متفق عليه].
ويشاركهم فقرهم وشدة معيشتهم
· فعن أبي هريرة t قال: خرج رسول الله ﷺ‬ ذات يوم (أو ليلة)، فإذا هو بأبي بكر وعمر فقال: «ما أخرجكما من بيوتكما هذه الساعة؟» قالا: الجوع يا رسول الله. قال: «وأنا، والذي نفسي بيده، لأخرجني الذي أخرجكما». [رواه مسلم].
ويقيل عثراتهم ويقبل معاذيرهم ويسأل عنهم إذا غابوا
· فعن أنس بن مالك t قال: لما نزلت هذه الآية: } يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ { [الحجرات: 2]. إلى آخر الآية، جلس ثابت بن قيس في بيته وقال: أنا من أهل النار، واحتبس عن النبي ﷺ‬، فسأل النبي ﷺ‬ سعد ابن معاذ فقال: يا أبا عمرو! ما شأن ثابت؟ أشتكى؟ قال سعد: إنه لجاري وما علمت له شكوى. قال: فأتاه سعد، فذكر له قول رسول الله ﷺ‬، فقال ثابت: أنزلت هذه الآية، ولقد علمتم أني من أرفعكم صوتًا على رسول الله ﷺ‬، فأنا من أهل النار، فذكر ذلك سعد للنبي ﷺ‬، فقال رسول الله ﷺ‬: «بل هو من أهل الجنة». [رواه مسلم].
ولما خاطب حاطب بن أبي بلتعة ناسًا من المشركين يخبرهم ببعض أمر رسول الله ﷺ‬ قال له رسول الله ﷺ‬: «يا حاطب، ما هذا؟» فذكر له أنه فعل ذلك ليتخذ فيهم يدًا، يحمون بها قرابته، ولم يفعله كفرًا ولا ارتدادًا عن الدين، فقال عمر: «دعني يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق» فقال ﷺ‬: «صدق، إنه قد شهد بدرًا، وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فقال: اعلموا ما شئتم فقد غفرت لكم». [متفق عليه].
· وكان يسأل عنهم في الغزو كما سأل عن كعب بن مالك في غزوة تبوك فقال: «ما فعل كعب بن مالك؟». [متفق عليه].
وقال في يوم خيبر: «أين علي بن أبي طالب؟». [متفق عليه].
ويحسن عشرتهم
قال أنس: «خدمت رسول الله ﷺ‬ عشر سنين، والله ما قال لي: أفًّا قط، ولا قال لي لشيء: لِمَ فعلت كذا؟، وهلَّا فعلت كذا». [متفق عليه، واللفظ لمسلم].
ويعرف لذوي السبق منهم فضلهم وسابقتهم
* فعن أبي الدرداء t قال: كنت جالسًا عند النبي ﷺ‬ إذ أقبل أبو بكر آخذًا بطرف ثوبه حتى أبدى عن ركبته فقال النبي ﷺ‬: «أما صحابكم فقد غامر» فسلم وقال: إني كان بيني وبين ابن الخطاب شيء، فأسرعت إليه ثم ندمت فسألته أن يغفر لي فأبى عليَّ، فأقبلت إليك فقال: «يغفر الله لك يا أبا بكر» ثلاثًا. ثم إن عمر ندم فأتي منزل أبي بكرٍ فسأل: أَثَمَّ أبو بكرٍ، فقالوا: لا. فأتى إلى النبي ﷺ‬، فسلَّم، فجعل وجه النبيِّ ﷺ‬ يتمعَّر، حتى أشفق أبو بكر، فجثا على ركبتيه فقال: يا رسول الله، والله أنا كنت أظلم، مرتين، فقال النبي ﷺ‬: «إن الله بعثني إليكم، فقلتم: كذبت، وقال أبو بكرٍ: صدق، وواساني بنفسه وماله، فهل أنتم تاركو لي صاحبي» مرتين. فما أوذي بعدها. [رواه البخاري].
وينصر ضعفاءهم وفقراءهم
· فعن عائذ بن عمرو، أنا أبا سفيان، أتى على سلمان، وصهيب، وبلال، في نفرٍ فقالوا: والله ما أخذت سيوف الله من عنق عدو الله مأخذها. قال: فقال أبو بكر: أتقولون هذا لشيخ قريش وسيدهم، فأتى النبي ﷺ‬ فأخبره، فقال: «يا أبا بكر، لعلك أغضبتهم، لئن كنت أغضبتهم، لقد أغضبت ربك» فأتاهم أبو بكر فقال: يا إخوتاه، أغضبتكم؟ قالوا: لا يغفر الله لك يا أخي. [رواه مسلم].
ويذهب إليهم ليصلح بينهم
· فعن سهل بن سعدٍ الساعدي t: «أن رسول الله ﷺ‬ ذهب إلى بني عمرو بن عوف ليصلح بينهم». [متفق عليه].
ويحذرهم من الفتنة والاختلاف
· فعن جابر t قال: اقتتل غلامان: غلام من المهاجرين وغلام من الأنصار، فنادى المهاجرون: يا للمهاجرين، ونادى الأنصار: يا للأنصار، فخرج رسول الله ﷺ‬ فقال: «ما هذا؟ دعوى أهل الجاهلية» قالوا: لا يا رسول الله، إلا أن غلامين اقتتلا فكسع أحدهما الآخر. قال: «فلا بأس، ولينصر الرجل أخاه ظالمًا أو مظلومًا، إن كان ظالمًا فلينهه، فإنه له نصر، وإن كان مظلومًا فلينصره». [رواه مسلم].
وفي لفظ: «دعوها فإنها منتنة». [متفق عليه].
وينهاهم عن إطرائه والغلو فيه
* فعن عمر t قال: سمعت النبي ﷺ‬ يقول: «لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم فإنما أنا عبده، فقولوا عبد الله ورسوله» . [رواه البخاري].
ويشاركهم العمل والجهاد
* فعن البراء t قال: رأيت رسول الله ﷺ‬ يوم الخندق وهو ينقل التراب، حتى وارى التراب شعر صدره – وكان رجلًا كثير الشعر – وهو يرتجز برجز عبد الله:
اللهم لولا أنت ما اهتدينا
ولا تصدقنا ولا صلينا
فأنزلن سكينة علينا
وثبت الأقدام إن لاقينا
إن الأعداء قد بغوا علينا
إذا أرادوا فتنة أبينا
يرفع بها صوته. [رواه البخاري].
ويقبل دعوتهم
* فعن أنس t قال: «قال رجل من الأنصار: إني لا أستطيع الصلاة معك - وكان رجلًا ضخمًا – فصنع للنبي ﷺ‬ طعامًا فدعاه إلى منزله، فبسط له حصيرًا، ونضح طرف الحصير، فصلى عليه ركعتين». [رواه البخاري].
([1]) مقفله: مرجعه.
([2]) فعلقه الناس: تعلقوا به.
([3]) سمرة: شجرة طويلة صغيرة الورق.
([4]) فخطفت رداءه: أي أن رداءه علق بالشجرة.
([5]) العضاه: كل شجر عظيم له شوك.
الإسلام: حقيقته، شرائعه، عقائده، نظمه
حول شبهة الرقيق
الاعتصام بالكتاب والسنة سبيل النجاة
أفلا تتذكرون
الاستعفاف
=
 
=

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اتكمالا لتفسير سورة الطلاق اليك هذه الروابط

  أرشيف المدونة الإلكترونية.مم النخبة في شرعة الطلاق الفرق في تشريعات الطلاق بين سورة الطلاق و سورة البقرة   امتناع الطلاق في الحمل وتح...